المناخ يغير النظم البيئية!!

Thorne J.

البدن في محمية ضانا للمحيط الحيوي

الطبيعة تتشكل بمجموع النظم البيئية على كوكب الارض، والنظم البيئية تشكل العمود الفقري لقدرة الارض على توفير ظروف المعيشة للإنسان.النظم البيئية تتألف من شبكات من النباتات والحيوانات والحشرات والبكتيريا التي تعتمد وتتفاعل مع بعضها لخلق نظام معيشي متكامل معتمدة على طروف غير حيوية مثل درجة الحرارة ونسبة الرطوبة بالإضافة لملوحة التربة.وبغض النظر عن تقديم خدمات لا تقدر بثمن للاقتصاد فإن النظم البيئية تمتص كمية ثاني أكسيد كربون كبيرة من الغلاف الجوي وتقلل الكمية المتبقية فيه ( “مجموعة المخازن” لثاني أكسيد الكربون).

 النظم البيئية تواجه ضغطاً مستمرعلى مر الخمسين سنة الماضية ، قامت البشرية على تغيير النظم البيئية بسرعة أكبر وعلى نطاق أوسع مما كانت عليه في أي فترة مماثلة من تاريخ البشرية. مما أدى لخسارة كبيرة لا رجعة فيها في التنوع الحيوي على الأرض، ومما يجدر ذكره هنا أن آثار تغير المناخ سوف تضيف على هذا التدهور و الخسارة.

النظم البيئية مرتبطة -بل ومتلازمة- مع الظروف المناخية الملائمة لها؛ حيث أن النظم البيئية  تكونت في الماضي بشكل يناسب المناخ الذي ساد لآلاف السنين الماضية، و كانت لديها القدرة على احتواء التغييرات (الطبيعية) البطيئة في المناخ على مدى فترات من آلاف السنين عن طريق التكيف البيئي الطبيعي. إن الوتيرة المتسارعة للتغيرات التي نواجهها الان نتيجة التغير المناخي (حيث نرى تغييرات كبيرة على مدى 100 سنة أو نحو ذلك) تشكل صعوبة كبيرة لكثير من الأنواع على التكيف؛ حيث إنها تفوق قدرتها على التكيف بسرعة. ستشهد النطم البيئية خلال هذا القرن تراكيز ثاني أكسيد الكربون تفوق الـ 800000  سنة السابقة ،بالإضافة لأعلى درجات حرارة على مدار السنوات 740000 الأخيرة وأعلى حموضة لمياه المحيطات في آخر 20 مليون سنة .كل هذه التغيرات تشكل تهديداً للنظم البيئية بالإضافة للعقبات من صنع الإنسان والعقبات الطبيعية التي بدورها تمنع الحيوانات والنباتات من التكيف أو الهجرة للوصول للملاذات الطبيعية المستقبلية.

توضح الدراسات الجيولوجية والكيميائية أن آخر العصور التي شهدت زيادة مماثلة للزيادة المتنبئ فيها لدرجة الحرارة للكرة الأرضية كان قبل خمس وخمسين مليون سنة (Paleocene-Eocene Thermal Maximum) حيث زادت درجة الحرارة 6 درجات مئوية خلال 20000 سنة (وهي وتيرة أبطأ من الذي نشهده حالياً)، وقد شهد هذا العصر أحد الأحداث التاريخية للانقراض الجماعي للكائنات الحية، حيث شكلت زيادة درجة الحرارة ظروف صعبة للمعيشة.

Juniper forest die back

ظاهرة الموت التراجعي في غابات العرعر

إن التهديدات الناجمة عن تغير المناخ على النظم البيئية لا تأتي فقط على شكل ارتفاع في درجات الحرارة وزيادة موجات الحر القاسية وتغيرات في هطول الأمطار،بل إن حرائق الغابات نتيجة زيادة الجفاف وزيادة أعداد الحشرات نتيجة لتغير الرقعة الجغرافية لانتشارها بالإضافة لزيادة حموضة مياه المحيطات نتيجة ذوبان ثاني أكسيد الكربون في مياهها كلها تسهم في الآثار على النظم البيئية . الآثار على النظم البيئية بصفة عامة تكون من النوع  الحدي؛و التي فوق مستوى معين من الحموضة أو درجة الحرارة أو الجفاف  فإن واحداً -أو أكثر- من الأنواع يصبح غير قادراً على البقاء، والذي يمكن أن يؤدي بسهولة إلى انقراض الأنواع التي تنفرد بها مناطق معينة يتوافر فيها مجموعة عوامل غير موجودة مجتمعة إلى بتلك المنطقة و التغير في أحدها هو سبب محتمل لفقدان الأنواع فيها، و قد تنهار بعض النظم البيئية ككل مع الإنخفاض في الانواع المهمة لإستمرارها.

من ناحية أخرى ، فإن تدهور أداء النظام البيئي نتيجة آثار التنمية البشرية والتصحر وتدهور الأراضي والتلوث البيئي تسبب تفاقم التغير المناخي؛ حيث أن فقدان “المخازن” لثاني أكسيد الكربون يزيد تركيزه في الغلاف الجوي فعلى سبيل المثال إن التلوت في البحر يقتل الكائنات الدقيقة التي تستخدم ثاني أكسيد الكربون في عملية البناء الضوئي مما يقلل كمية الكربون المحتجز في البحر و بالتالي زيادة تركيزه في الجو. ولذلك فإنه من الحكمة أن نقول :”إنقاذ النظم البيئية يعني … إنقاذ أنفسنا”

حسين الكسواني

مشروع واقع المناخ

CR

This entry was posted in Climate Change and Biodiversity and tagged , , , . Bookmark the permalink.

Leave a comment